في البداية لا أريد أن يفهم القارئ الفاضل من عنوان الوقفة أننا معشر الأطباء نفضل بعض المرضى على بعض ، أو أننا نريد من المريض أن يصاب بمرض ما دون غيره ، ولكن ما أريد من خلال هذه الوقفة أن نناقش معا جملة المواصفات التي يجب أن يتحلى بها المريض مهما كان مرضه من وعي وإلمام بالمرض والمعرفة الجيدة للأدوية التي يتناولها واحترام للطبيب الذي يقوم بعلاجه .
بعض المرضى يقصدون المستشفيات العامة أو التخصصية العمومية وبإسم حق المواطنة يطلبون من الطبيب أن يعمل لهم الفحص الفلاني ( أشعة مثلا ) أو التحاليل المعينة التي يطلبونها واضعين الطبيب وكأنه موظف لدى الدولة مهمته فقط تنفيذ أوامر المواطنين المرضى !...
في إحدى المرات كنت مناوبا بقسم الطوارئ الجراحية ومن جملة المرضى الذين صادفتهم مريض تقدم إلى مكتب الفحص ولما سألته عن سبب معاودته للقسم ، قال: أريد فحص بالأشعة .
وجهته لقسم الأشعة الموجود بنفس المستشفى ، ولما تكلم مع تقني الأشعة قال له (التقني): يجب أن يكون هذا الطلب مكتوب على وصفة طبيب .
رجع إلي المريض وطلب مني الوصفة ، فأجلسته وأفهمته عن المراد من قيامي بذلك ، وقلت له إن الطبيب لم يكن ليكتب الوصفات أو التحاليل عند الطلب ، فيجب عليك أن تصف حالتك بدقة ليتمكن الطبيب من علاجك
ووصف الدواء المناسب لك ، وإن كان لا بد من تحاليل أو أشعة فهو لا يبخل بها عليك .
أما بعض المرضى الذين يقصدون العيادات الخاصة فيظنون أنهم بمالهم يستطيعون أن يشتروا الطبيب كما يشترون الدواء من الصيدليات !...
المطلوب من المريض أن يعالج نفسه من كل علة مهما بدت له بسيطة الأعراض ، ولا يكون ذلك إلا بقصد طبيب العائلة الذي إن لم يعالجه يرشده إلى الطبيب المختص المؤهل ، وأن يتيقن أنه مهما كانت معلوماته فإنها لن تصل إلى معلومات وخبرة الطبيب ، فكل مريض حالة خاصة .
نريد المريض الذي يتقبل مرضه ويتعايش معه ، لا المريض الذي يتمرد على مرضه ، وعدم تناول الأدوية الموصوفة له ثم يلقي باللائمة على الطبيب وعلى الأقدار؟!...
نريد المريض الذي يعلم أن لكل حالة علاج ، وكل مريض حالة خاصة بمفردها ، فلربما وصف لك دواء لم يوصف لآخر بالرغم من تشابه الأعراض .
نريد المريض الذي يتناول الدواء كما وصف له من طبيبه من كمية ، وقت ومدة .
نريد المريض الذي يثق في قدرة طبيبه على إمكانية وصوله إلى تحديد المرض ووصف العلاج المناسب له .
نريد المريض الذي يعلم أن مفعول الدواء غير مرتبط بمدة زمنية محددة ، فهناك علاجات تستوجب مدة أطول ، وأخرى مدتها لا يحددها هو وإنما تحددها زوال الأعراض وانتقاء السبب .
نريد المريض الذي يخبر طبيبه عن تطور حالته ولا يخفي عنه شيئا مهما بدا له بسيطا ، فكثيرا ما تسبب التنقل بين الأطباء في نفس الاختصاص إلى تدهور صحة المريض جراء تناول الأدوية المتعددة .
نريد المريض الذي يكون له طبيب خاص ( طبيب العائلة أو المتخصص عند اللزوم).
نريد المريض الذي يراجع الطبيب قبل الصيدلي .
نريد المريض الذي يطلب من طبيبه أن يشرح له حالته المرضية ( ما لها وما عليها ) واتباع التعاليم اللازمة . ففي ذلك كله معاونة للعلاج الموصوف له .
نريد المريض الذي يحافظ على وصفاته والتحاليل المطلوبة و الفحوصات المختلفة من أشعة وغيرها ويرتبها في ملفه الطبي الخاص به.
نريد المريض الذي يتناول الدواء المصنوع في بلده العربي والإسلامي إذا كان متوفرا مساهما بذلك في ازدهار اقتصاده وترويجا لمنتوجه .
نريد المريض الذي يكون مؤمنا صحيا أو اجتماعيا ( من تأمين ) لدى صناديق الضمان الاجتماعي أو أي هيئة مسؤولة عن التأمين الصحي ، ويسعى لذلك جاهدا ليقلل عن نفسه أعباء العلاج .
نريد المريض الذي يتقبل مرضه ، ويقي غيره من الإصابة به ، لا أن يفقد الثقة بالطب والأطباء .
نريد المريض الذي لا يلجأ إلى الوصفات الشعبية ، فهي تخلو في الكثير من الأحيان من الخير الذي يصفها ، وأصبحت تجارية أكثر منها علاجية ، يقيننا بأن طب الأعشاب ميدان لا يستهان به في علاج الأوجاع والأسقام يحتاج إلى من ينفض عنه غبار بعض المروجين الذين لا يمتون بصلة إلى الطب .
نريد المريض الذي يلتزم في كل أحواله بصحته وصحة المحيطين به من أبناء وجيران . فإذا كنت مصابا بمرض معدي لا قدر الله فالواجب عليك المحافظة على صحة غيرك بأخذ الاحتياطات اللازمة .
تستطيع إضافة تعليقك على الموضوع في عيادات صحة ، قسم وقفات طبية (اضغط هنا)