بيان من أشلاء طفل
بمناسبة الأحداث الدامية في الأرض المحتلة
للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشـمـاوي
آهـِ منــا آهـِ يـاشــهـر المحــرم ** آهـِ من عمـلاقنــا كيف تـقـدم
آهـِ من احـلامنـا صـارت سـراباً ** آهـِ من صـرح الـمـروأتِ تـهـدم
آهـِ من الـف قـتـيـل وقـتـيـل** من عظام في ربى الاقصى تُهشـم
آهـِ من دبـابــة تـقتـل طــفـــلاً ** آهـِ من نار على الأحباب تضـرم
آهـِ من امتـنــا كيف استحـالت ** كفـراش في لظى النـار تقحـم
آهـِ منهـا تمنح الاعداء شـهـداً ** وهي لا تشرب إلا كأس علقـم
تطلب العدل من الباغي عليها ** وتـنـادي من إذا جــاوب تـمتــم
أي عـدل يرتجـى ممن تغــابــى ** ولـمــا يصـنـعُ شــــارون تفَـهّــم
لـم يـزل يعــلـن لـيــلاً ونـهـــارا ** ان شــارون من الأطفـال يظـلم
اهـِ مـن بــاءٍ وواوٍ ثـم شــيـنٍ ** رسـَــمَت صـورة وجــهٍٍ يـتـجـهــم
يعلن العطف على الباغي ويأبا ** ان يرى المأساة في اجفان يتم
غـارق في صمتهِ حتى إذا مــا ** هبت الاحــداث بـالـجــور تكـلـم
لست ادري إي وربي لست ادري** ما الذي يجعل ذهن الصخر يفهم
عبثـاً ان نســأل الـيـل إذا مـــا ** غمـر الدنيــا لمــاذا اليـل اظـلـم
اين قومي لاتسل عن حال قومي سترى مَن خفض الرأس وغمغم
سـترى مَن اغمض العينين لما ** طارت الأشلاء في الدرب الملغم
واقـع يجـري على الأرض يرينــا ** صنم الأوهـام في قـومي تحطم
ويُـريـنــا صــورة الأمـــة لــمــــا ** اصبحت في مـأتم من بعد مـأتم
قـل لـمن يـروي لـنــا آثــار لخم ** وجــذام والـعمــالـيـق وخـثـعــم
إنمــا الـمجــد إبــاءُ ُ وشـــمـوخ ** وبطـولات أمــام القـدس ترسـم
حـرك المعتصـمُ الجيش انتصاراً ** لفتـاة صـوتُهــا الـبــاكي تـظـلـم
خـاضهــا معركـة كبرى اعـادت ** هيبةُ ُ في نفسِ من خان وأجرم
انضج السيف جـلـود الروم فيها ** قبـل ان تـنـضُـج اعناب وتـصـرم
وارى أمـتـنــا الـيــوم خــنـوعـــاً ** ثغـرهــا بـالخـوف والـذل مكـمـم
صرفت عن صرخة الأيتام وجهاً ** وكأن الـنـاطـق الـمـفصــح ابـكـم
ويحـكـم يا ألـف مليـون انرضى ** ان نرى الأزهــار للجــاني تقـدم
يا ربوع المسجد الأقصى لدينـا ** خـبر عن جـرح لـمـيــاء وهـيثـم
عن الوف سمعوا الرشاش لما ** اعلن الموت على الطفل ودمدم
ورأوا دمـعـــة أم تـتـســــامـى ** حينمــا ودعهــا الـطفـل المـلثـم
لم تودعـه الـى الـملـعب حتى ** يـحــرز الـفـوز وبـالـكـأس يـكــرَّم
إنمــا ودعـة الطفل ليلقى ربـه ** في ســــاحـة الـمــوت ويـغـنــم
روض الأحداث متنـاً وامتطـاهـا ** حينمـا لم يبصـر شجـاعـاً يتقدم
حينمـا لم يـبـصـر من الأمــة إلا ** من تغــظــا ، وتغــافــا ، وتـبـرم
ورأوا بنت ربـيـع العـمـر اقــوى ** من رجال آثروا الـصـمـت وأكـرم
اعلنت اشـلاؤهــا فينـا بيـانـاً واضـحــاً اســمى من القـول واعظـم
ابـلـغت مـالـم يبلـغــه رجــالُ ُ ** سـيفُهـم في نُصـرة الحق ملثم
حزمت بالنار والبارود جسمــاً ** هــزت الـبــاغي بــهِ واللهُ يرحـم
انه القهـر رمـاهــا فاستحالت **جـذوة تعصـف بـالـقـول الـمـرجّـم
أيهـا الأقصى ايا مسرى نبيًّ ** ارشـد الدنيـا الى الخـير واعـلـم
نحن اولى بك آمنـا بموسـى ** ونـبــي الله طــــه وابـن مــريــم
أمتـي أكـبـر ممــاصــار لـكـن ** حـطـمتهــا قـولـة الكفـر المنظـم
لو بعثنـا واحـداً من كـل الـف ** لمشا جيش الى القدس عرمرم
أيها الأقصى ايا ساحة حشرٍ ** للـبـرايــا يا أخــا البيت الـمحــرم
عـنـدنـا والله احســاس كبيـر ** بمـآســيـك ورب الـبـيـت اعــلـم
ان يكن اضمـأك البـاغي فإنـا ** سوف نسقيك غداً من ماء زمزم