الفلسطيني مدير عام
عدد المساهمات : 662 تاريخ التسجيل : 22/01/2010 العمر : 29 المزاج : رايق
| موضوع: أخطر المضاعفات: تسونامي من قيح السرطان في حنجرة محترقة الخميس أبريل 15, 2010 7:21 am | |
| من مضاعفات العلاج الإشعاعي لسرطان الحنجرة أيضاً انعدام المذاق، المؤدي الى فقدان الشهية، أي أنك لا تعود تعرف نوع الطعام الذي تتناوله إلا إذا نظرت اليه، ولهذا السبب تفقد رغبتك في تناول الطعام بشكل كلي تقريباً، فيبدأ الهزال يبدو عليك ويبدأ وزنك بالتناقص، والنضارة تختفي من ملامح الوجه فتبدو لنفسك وللآخرين كما وكأنك ترتدي قناعاً من الشمع محدقاً باللاشيء بلا حياة وبلا هدف.
ولأنك مضطر لتناول شيء من الطعام، وإلا أخذوك الى المستشفى لإنزاله (الطعام) بالأنابيب الى معدتك وأنت تتألم، فإنك تقبل بالشعور بألم فظيع حين تنزلق اللقمة من جوار حنجرتك المحترقة هي وجيرانها بالنار الإشعاعية.
وهناك أيضاً المضاعفات النفسية التي لم أشعر إلا بقليل منها، كشعوري بأني مريض حقيقة، أو كرغبتي في عدم رؤية أحد أو التحدث الى أي شخص طوال أسبوعين تقريباً. لكن البعض يشعر بالخوف الشديد وبنوبات من الذعر مستمرة وبتعتعات من الهستيريا، كما وبالغموض حول تفاصيل دورة الحياة اليومية نفسها، بحسب ما رواه لي كويتي تعرفت اليه في المستشفى وكان يرافق شقيقه القادم من الكويت للعلاج من سرطان حنجوري.
أما أسوأ المضاعفات على الإطلاق فهو القيح، ولو لم يكن القيح والألم من المضاعفات لكان العلاج الإشعاعي مقبولاً تماماً لأي كان. ويخرج القيح من موضع الاحتراق في الحنجرة وجوارها في كل مرة قمت بعملية ابتلاع للعاب أو لأي شيء آخر، كما تخرج الحمم النارية السائلة من جوف البراكين، وكميته هي في حدود بصقة تقريباً. وخروج القيح ناتج من ضغطك على عضلات الحلقوم ليتحقق الابتلاع الذي لا سيطرة لك عليه لأنه غير إرادي، ورغبتك فيه تزداد بتزايد الجفاف والنشفان في الفم والحنجرة.
ولأن عملية الابتلاع مؤلمة جداً، خصوصاً عند شرب الماء لأن ابتلاعه فراغي يعتمد على ضغط العضلات، فإن القيح يلتصق بالحنجرة كسائل شبيه بسيولة العسل، فلا يمكنك ابتلاعه الى المعدة لأنه مطاط وهو لا يخرج من تلقاء نفسه من الحنجرة لتبصقه الى الخارج، فيبقى مزعجاً كما حبة الحصى المزعجة في الحذاء، فتضطر للضغط ثانية لإخراجه من فمك ما يؤلمك أكثر، ولأن هذا يحدث كل دقيقتين كمعدل فمن أين لك أن تنام؟ ومن أين لك أن تشعر بنوع من الهدوء والسكينة في صحتك العامة طوال شهر ونصف الشهر؟ عودة للأعلى
واحد من 3 أشخاص مُصاب بسرطان ولا يدري
لا أبالغ إذا قلت إنني كنت أستهلك أكثر من 3 علب كلينكس من الحجم الكبير كل يوم للتخلص من القيح الذي كان يخرج من نسيج حنجرتي المحترق على مراحل بعد كل عملية ابتلاع قمت بها. ولا أبالغ إذا قلت إنني فكرت مرات ومرات باللجوء الى المستشفى لإيجاد حل للقيح الذي أنهكني ليل نهار طوال 45 يوماً.
وفي هذه الأيام التي استعدت فيها 90% مما فقدته بسبب العلاج الاشعاعي، آملاً استعادة الباقي خلال شهرين على الأكثر وفق ما أكده الطبيب المختص، فإني أشعر بارتياح لكوني حاولت ملء فراغ حول موضوع جدي وحساس وخطير، ولم يكن مشروحاً بالطريقة التي شرحتها، مع أنني لا أعرف إذا كنت نجحت أو فشلت، لكني متأكد من صحة نصائح قليلة أريد تكرارها على مسامع من سمعها عشرات المرات في السابق بالتأكيد:
ابتعد عن السيجارة وتعرف الى نقطة الضعف التي في جسمك واعتنِ بها، لأن السرطان ينفذ منها ليتمكن منك بقوة. حاول أن تتناول أطعمة متنوعة الغذاء وغنية بالخضار، وتناول الفاكهة المتنوعة، ومارس بعض الرياضة وأهمها المشي، وابتعد عن التوتر ما استطعت، وكن مرتاح البال بعد ذلك، لأنه إذا كان لابد مما هو آت، مهما كان، فبإمكانك أن تقول في اللحظة الأخيرة: لقد حافظت على نعمة الحياة ما استطعت، ولم أنته رخيصاً. لقد نزلت الى الحلبة وسددت الضربات الى عدو لدود حتى الرمق الأخير، ولم يهزمني ملاكم صغير ومغمور، بل بطل العلل والأمراض العالمي للوزن الثقيل بامتياز.
وكنت أرغب في نصيحة أخيرة لمواجهة السرطان بشجاعة تفوق قوة الملاكمين، بحيث لا يشعر المصاب بأي خوف حين يعلمه طبيبه بإصابته بالمرض، خصوصاً أن هناك أكثر من 200 نوع رئيسي من السرطان تتفرع الى أكثر من 150 ألف نوع قاتل، وكل منها يتمكن في البداية من عضو ضعيف في الحيوان أو النبات أو الإنسان لينتشر منه الى سواه، علماً بأن الأبحاث دلت أن واحداً من كل 3 أشخاص يعاني من سرطان ما من حيث لا يدري.
لكن الشجاعة أمام ملك الأمراض وبطل العلل بالذات ليست هينة على الإطلاق، ولا تأتي من النصائح الأرضية. إنها نعمة يهبها مبدع الكون والوجود فتستقر في القلب وخلاياه بأقل من ثانية واحدة، فابحث عنها وستجدها ولن تتعب لأنك أينما قلبت وجهك في الأرض أو السماء فسترى الطريق معبدة أمامك اليها، وقد ترى بيتين من الشعر لا أدري حقيقة من كان قائلهما الحقيقي قبل مئات السنين، الا أنه يخاطب الإنسان الباحث عن أسباب العلل وعن مصادر الشفاء:
داؤك منك ولا تشعر ودواؤك فيك وما تبصر
وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر | |
|